غزة تنزف، ونظامها الصحي يختنق تحت الركام، وما لم يتحرّك المجتمع الدولي، فستستمر المأساة في التفاقم، وستظل حياة مئات الآلاف معلّقة بين اليأس ورجاءٍ ضئيل بأن يلتفت العالم ولو مرة إلى جرحٍ لم يندمل.

إذا لم يكن العالم قادرًا على حماية طفل يرتجف من البرد، فما معنى الإنسانية؟ وإذا فشل في توفير خيمة تقاوم المطر؛ فبأي وجه يكرر شعارات حقوق الإنسان؟ 

قام الاحتلال بهدم البيوت لأجل قتل الذاكرة، لكنه لم يكن يعرف أن الفلسطيني الذي ينبعث من الرماد كالعنقاء، سيبني الحكاية من تحت الركام، بيتًا من الحشد والمناصرة.

من الذي أراد لغزة والسودان وبلدان العالم الثالث أن تعيش في غابة؟ رغم أن السودان يمكنها أن تكون سلة الوطن العربي بخلاف غزة بمساحتها الصغيرة، الغارقة في البارود والمواد المشعة والمسرطنة.

سموترتش يستحضر صورة العربي في المخيال الغربي، كمجتمع جامد متطرّف، مقابل "الحداثة الإسرائيلية"، وهذه الاستعارة تكشف جوهر الخطاب الصهيوني، الذي يقوم على نزع الإنسانية عن الآخر.

ما جرى من انتهاكات بحق الأسرى والشهداء الفلسطينيين -تحت أي ظرف- يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لضميره الإنساني، فغياب تطبيق القانون سيجعل أي احتلال يفلت من العقاب.

قرّرت البقاء في الشمال، والشروع في اليوم التالي بإصلاح ما تبقّى من البيت، بمساعدة بعض أبنائي، لكي نعيد للمكان بهجته، ولغزة بريقها، حتى يتصل خيط النور بالسماء مجدّداً. 

أجرّ عربتي ومعدتي تقرقر، لم أتناول الطعام منذ الليلة السابقة، حيث ظللت وحيداً في الشقة بعدما نزح الجميع هناك. لذا، أحاول استعجال الهرب، كي لا أموت جائعاً، وآخرون مثلي ربما يهرولون خوفاً من الموت عطشاً، وآخرون شوقاً للأسرة التي بقي بعضها واستشهد الآخر. 

الأمة تظهر ضعيفة، مفككة، لا رأي لها، تقتات الذل، وتبحث عن حفنة أمن بينما يتغطرس الاحتلال، يبطش يمينًا وشمالًا، لا يهاب الجيوش العربية أو سلاحها، مستندًا بذلك إلى اللوبيات الضاغطة داخل الكونغرس.

في الطريق نحو الهاوية، أنت بحاجة لوضع الكمامة على أنفك، لأن الطريق الترابي المغمس بآلام النازحين سيحاصرك، وعلى جانبي الطريق حرائق عظيمة للإطارات المطاطية التي يقوم باستثمارها الباعة.